Wednesday, January 16, 2008

نزار يفهم


مواطنون دونما وطن

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن

مسافرون دون أوراق
وموتى دونما كفن
نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن

نحن جوارى القصر
يرسلوننا من حجرة لحجرة
من قبضة لقبضة
من مالك لمالك ومن وثن الى وثن
نركض كالكلاب كل ليلة
من عدن لطنجة
ومن طنجة الى عدن
نبحث عن قبيلة تقبلنا
نبحث عن ستارة تسترنا

وعن سكن

وحولنا أولادنا
احدودبت ظهورهم وشاخوا
وهم يفتشون في المعاجم القديمةعن جنة نظيرة
عن كذبة كبيرة ... كبيرة
تدعى الوطن
مواطنون نحن فى مدائن البكاء
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء
حنطتنا معجونة بلحم كربلاء
طعامنا ..شرابنا
عاداتنا ..راياتنا
زهورنا ..قبورنا
جلودنا مختومة بختم كربلاء
لا أحد يعرفنا فى هذه الصحراء
لا نخلة.. ولا ناقة
لا وتد ..ولا حجر
لا هند ..لا عفراء
أوراقنا مريبة
أفكارنا غريبة
أسماؤنا لا تشبه الأسماء
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا
ولا الذين يشربون الدمع والشقاء

معتقلون داخل النص الذى يكتبه حكامنا
معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا
معتقلون داخل الحزن
وأحلى ما بنا أحزاننا
* * *
يا وطنى المصلوب فوق حائط الكراهية
يا كرة النار التى تسير نحو الهاوية
لا أحد من مضر ..أو من بنى ثقيف
أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف
زجاجة من دمه
أو بوله الشريف
لا أحد على امتداد هذه العباءة المرقعة
أهداك يوماً معطفاً أو قبعة
يا وطنى المكسور مثل عشبة الخريف
مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا
مهجرون من أمانينا وذكرياتنا
عيوننا تخاف من أصواتنا
حكامنا آلهة يجرى الدم لأزرق فى عروقهم
ونحن نسل الجارية
لا سادة الحجاز يعرفوننا ..ولا رعاع البادية
ولا أبو الطيب يستضيفنا ..ولا أبو العتاهية
إذا مضى طاغية سلمنا لطاغية
مهاجرون نحن من مرافئ التعب
لا أحد يريدنا من بحر بيروت إلى بحر العرب
لا الفاطميون ..ولا القرامطة
ولا المماليك …ولا البرامكة
ولا الشياطين ..ولا الملائكة
لا أحد يريدنا
لا أحد يقرؤنا فى مدن الملح التى تذبح فى العام ملايين الكتب
لا أحد يقرؤنا فى مدن صارت بها مباحث الدولة عرّاب الأدب
مسافرون نحن فى سفينة الأحزان
قائدنا مرتزق وشيخنا قرصان
مكومون داخل الأقفاص كالجرذان
لا مرفأ يقبلنا ،لا حانة تقبلنا
كل الجوازات التى نحملها أصدرها الشيطان
كل الكتابات التى نكتبها لا تعجب السلطان
مسافرون خارج الزمان والمكان
مسافرون ضيعوا نقودهم ..وضيعوا متاعهم
ضيعوا أبناءهم
وضيعواأسماءهم
وضيعوا إنتماءهم
.وضيعوا الإحساس بالأمان
نزار قباني
مو كأنه كان شايفنا و شايف حالنا الآن ؟

4 Comments:

At March 18, 2008 11:42 am, Blogger momken said...

الله ...الله....الله

انا كده عملت دماغ زى الفل عالصبح

اصتباحه زى السكر
تسلم ايدك يا عم نزار
ويسلم الى اختار القصيده الحلوة دى
اول مره اقراها واعرفها

البلوج جميل اوى
وطبعا قصيده نزار هايله فوق اى وصف

تحياتى

 
At March 20, 2008 8:59 am, Blogger Tara said...

صباحك فل
شكرا
و بصراحة بلوجك احلى مليون مرة من بلوجي

 
At March 23, 2008 4:57 pm, Blogger nana said...

هاي وين كل هل المدة مختفية اشتقنالك يامعودة لا تغبيين علينا هيج

تسلم ايديج على القصيدة الرائعة

 
At March 31, 2008 1:32 pm, Blogger nana said...

قريتها مرة تانية لأنني احببتها وتفاجأت كيف عرف ماالذي حصل

يبدو ان الاوضاع في ايامه كانت توحي بما سيحصل

 

Post a Comment

<< Home

Free Web Site Counters
Free Web Site Counters