عن ألمانيا

..... (و رجعت من السفر )
و من اول ما رجعت وأنا أحاول اكتب بوست عن رحلتي لكن حصلت ظروف في البيت .... حاولت ان اركّز ولم افلح ..حاولت ان اقول لكم يا جماعة انا تونست و استمتعت وعشت و أخذت بريك من أصوات الرصاص و الانفجارات ...رأيت مناظر رائعة ،غسلت كل مناظر الانقاض التي أراها كل يوم في شوارع بغداد ... مناظر بؤس بغداد التي لم تتغير رغم تغير وجوه المسؤلين و الحكومات (يللا ..خلينا في ألمانيا ليش شطحتي يا تارا ؟)
طبعا سافرنا عن طريق عمّان .. الطريق كان أطول من المعتاد هذه المرة (14ساعة )..توقف السائق عند كل محطة بنزين و كل مطعم تقريبا ,و الطريق ايضا كان مقطوع بسيارات امريكية ووقفنا ننتظر ان يعاودوا فتحه دون جدوى ،الى ان رحنا في طريق أقدم ...
كنت فرحة جدا جدا اني مسافرة لكن ... في آخر كيلومترات ،عندما وصلنا عمان، في الحادية عشرة ليلا ، وجدتني أبكي في السيارة بعد ان خيّم الظلام ولم يعد أحد يستطيع ان يرى وجهي ... شعرت انني ابتعد كل هذه المسافة عن أهلي و انني هنا ، في سيارة مع أشخاص غرباء عني تعرفت عليهم في الصباح فقط ..شعرت انني لوحدي تماما" ..كان جنونا" مني ان ابكي في تلك اللحظة لكن دائما رؤية الصحراء كل تلك الساعات تجعلني أفكر في أشياء كثيرة ، فكرت حينها انني محظوظة كثيرا لان اهلي هم أهلي! يعني اني طلعت للدنيا لقيت اني ابنة هذا الرجل و تلك المرأة .. وشعرت اني احبهم كثيرا" .......... جدا ..

في عمان دخلت الى مكتبات كثيرة و شاهدت لاول مرة كتب كويللو اللي حكيتوا عنه ، حيث في بغداد لا توجد هكذا اختراعات ،عندنا كتب دينية أكثر شي .

سافرنا الى ايرلانكن بعد يومين .. وبقينا فيها 3 أسابيع ،وتنقلنا الى مدن اخرى في الاثناء لكن كل ليلة كنا نرجع الى فندقنا ...
ذهبنا الى ميونخ (ساعتين بالسيارة ) مرة والى نونبرغ مرتين (مدينة هتلر المفضلة )وفيها متحف ضخم جدا و رائع لكل فظاعاته وتاريخه من بداية صعوده الى سقوطه، بالصور والافلام والشرح الصوتي لكل صورة – كان يحتاج يوما كاملا لرؤيته لكننا قضينا فيه بضعة ساعات فقط مع الاسف و اكتشفنا اننا دمّعنا مرة اخرى لرؤية مشاهد فديو للاشخاص الذين كان يجوعهم ..كانوا جلد وعظم فعلا ..لم نتحمل رؤية ذلك رغم كل ما شاهدناه من فظائع صدام على الفضائيات بعد الحرب ... لايمكن للمرء ان يعتاد رؤية هذه الاشياء ابدا ..

نونبرغ هذه دمرها الامريكان بكل قوة في الحرب العالمية الثانية ،ودائما الالمان يضعوا صور الاماكن المدمرة بعد الحرب و صورها الحالية ..الكنائس الرائعة التي لم يتبق منها الا الاعمدة ،اعيدت كل نقوشها و زخارفها (التي لا يمكن ان اصف جمالها) مرة اخرى و الصور تظهر كيف كان التمثال الفلاني مشوها وكيف تم اصلاحه ..

ذهبنا ايضا الى قاعة المحكمة التي تمت فيها محاكمة أعضاء حكومة هتلر ...جلسنا هناك لنشم عبق العدالة ..

هتلر فيه اشياء مشتركة مع (....) و لا بلاش
بعد اعتقال خالد ...أنا رجعت للخوف ...خليني ساكتة

المهم ، ذهبنا الى مدينتين رائعتي الجمال : بامبرغ و روتنبرغ ..فيهم شوارع قديمة وجسور مسيجة بالزهور (لن انسى شكلها ابدا")وكنائس و محلات لبيع لوازم الكريسمس ....الامر كله كان أقرب منه للحلم و ليس الحقيقة ...وأنت هناك يصعب ان تتخيل ما يدور في العراق و عندما ترجع للعراق يصعب ان تصدق انك كنت هناك حقا"...

ذهبنا الى فيينا لتسع ساعات فقط خلال الويك اند ...قضينا نصف الوقت في مشاهدة قصر شومبرن ..رغم ان القصر بحد ذاته كان مغلقا للصيانة، لكن كل تلك الساعات مضت في حدائق القصر ..و في تسلق التل الذي فيه بناء جميل كان الملك يتناول افطاره فيه!...(يمشي كل تلك المسافة ويتسلق كل هذا التل اللي قطع نفسنا حتى يفطر ؟!)

ثم ذهبنا الى قلب المدينة ...حيث توجد كنيسة كبيرة واجهتها محروقة ،لم يكن معنا دليل لكن البعض قال لنا ان هتلر ضربها أيام الحرب و ابقوها على حالها(لهم وجهة نظر أكيد )..
الرائع في فيينا هو الموسيقيين الذين يعزفون في اركان الشوارع و يتجمع حولهم الناس للاستماع ...يعزفون مقطوعات رائعة الجمال.
ذهبنا الى مدينة ويزبرغ ،حيث اكتشف رونغن اشعة اكس (رونغن يعتبر الاب الروحي لكل أطباء الاشعة ) ،رأينا مكتبه و صور الاشعة الاولى (يد زوجته) و انبوب الاشعة الاول ...

هذه كانت جولاتنا وباقي أيام الاسبوع كنا نذهب لمركز التدريب صباحا الى الثانية ظهرا ... بعدها نكون أحرار .. نتجول في الاسواق ..ياالهي كم جربنا من العطور و كم لبسنا من قبعات غريبة و ملابس شعبية و اخذنا صور لكل ذلك .. وكم اشترينا من قلائد ..هل فعلنا كل هذا ؟

عليك ان تركز في الدرس وحولك كل هذا الجمال في الخارج

و بعد ان تغلق الاسواق (في السابعة ) نذهب الى المحلات التي لا تزال مفتوحة الى الثامنة (يعني نعزّل السوق على ايدنا )ثم نذهب الى النافورة ..ونبقى جالسين حولها لساعة أو نذهب الى الحديقة اللي قرب الفندق نتمرجح بالمراجيح ..ونعود مهدودين من التعب والسعادة الى غرفنا ..افتح ال CNN لاشاهد .... كل يوم ......انفجارا في بغداد .... ومن المفجع اني رأيت ايضا انفجارات ... في لندن ....لندن ؟؟!!! .. أخي و اولاده هناك و احدى المحطات التي سمعت اسمها هو يستعملها ,,,ركبت معه الصيف الماضي ...هو الارهاب ورانا وين ما نروح ؟

اخذت صور لتفاصيل صغيرةأحببتها.....مثل هذه الفاترينات...أما المباني الكبيرة فمسجلة على فديوهات قصيرة ....هناك لا حاجة لان تبحث عن شيء حلو لتصوره فالجمال في كل الارجاء ...باختصار استمتعنا بكل شيء ..و زميليتي قالت لي نظريتها : ان المحرومين يستمتعوا أكثر ....

و ما تركت وردة تعتب علي ...كلهم صورتهم

الالمان:ودودين ومتعاونين الى آخر درجة في الاسواق او في محطات القطار .يتحدثوا الانكليزية من غير حساسيات او عقد.

الاكل الالماني :سيء ........جدا .هذا الآيس كريم من محل ايطالي

باختصار يعني كانت ونسة من العمر وبالعراقي نقول مكانكم كان خالي