Thursday, November 03, 2005

طاخ و طيخ




أكره الاسلحة جدا
جدا جدا يعني
جدا ... جدا .... جدا جدا
. . . أعتقد انهم لازم يحرموها دوليا ، يمنعوا تصنيعها ،لازم أحد ما ، يتخذ إجراء ما


ربنا يخلق الانسان في أحسن تكوين و يستغرق الامر تسعة أشهر كي يظهر الى هذه الدنيا باجهزته البديعة : تنفسه ،هضمه ،هرموناته. كل شيء فيه هو معجزة حقيقية .لو إضطرب شيء بسيط تتعقد الحياة :لو اختل هرمون الانسولين او هرمون النمو او هرمون الغدة الدرقية يعاني صاحبها الكثير...فمابالك بتحطيم هذا الانسان ؟

كيف يجرؤ انسان ما ،بلحظة خاطفة ان يأخذ تلك الحياة و تلك المعجزة بحديدة حارة سريعة تفتك بصنع الله و معجزة الله ؟

في الاسبوع الماضي أوقفتني أصوات الطلقات المتتالية و القريبة و منعتني من الذهاب الى مكتبة قريبة من المستشفى تبيع كتب طبية .كنت ما أزال أمشي في كلية طب بغداد عندما سمعت الاصوات .دخلت الى أول بناية صادفتني في ساحة الكلية

أريد أن يكون هناك سقف فوق رأسي دائما

يمكن أنا عندي فوبيا من الرصاص

طلاب و طالبات الكلية كانوا قاعدين على المصطبات و دكات الزرع بكل رواقة بال و لم يتحرك أحد منهم من مكانه حتى عندما صاح بهم أحد الطلاب ادخلوا تحت هذا السقف....كل اللي تحركوا هم طالبتين دخلوا الى باحة البناية اللي كنت أنا واقفة فيها لكن لسبب ثاني .إن إحداهن كانت تريد ان تعدل شعرها والثانية كانت تمسك لها المراية الصغيرة اللي طلعتها من جنطتها..و بعدين واحدة قالت للثانية :هسة يتصورون ان احنا خايفين ودخلنا هنا .و الثانية ردت :اصلا هذا مختبر الكيميا و أي طلقة تجي بيه يشتعل كله ...
أنا قلت لروحي : يا فرحتي أنا طلعت واقفة يم مختبر الكيميا !
قررت ان انتظر خمس دقايق بعد توقف الطلقات و ارجع الى المستشفى وأكنسل فكرة شراء الكتاب اليوم...و كنت افكر :يعني هوة مجرد ان اشتري كتاب ،هل هو طلب كبير حتى يتعرقل ؟ ليش كل شي صعب هنا ؟
كانت كل عضلات وجهي و رقبتي و معدتي وفكي متقلصين وانا أمشي .سألت حارس معهد الاشعة :قل لي هوة الصوت جاي من هذه الجهة أو من هذه ؟
كنت أريد ان أعرف هل أتجه باتجاه وزارة الصحة أم اروح بعيد عنها .أجابني بلهجته القروية : (لا تخافين ،قولي بسم الله) ، ثم أكمل : (الامريكيات يقاتلن).ففكرت :طيب ما همة يموتوا ،همة يعني سالمين ؟و بعدين اذا همة يقاتلون اروح انا امشي جوة الرصاص يعني ؟

ومع ذلك ما كنت لأخاف هكذا لولا المرضى اللي أشوفهم .فمثلا جابوا لنا مريض للسونر عنده طلقة مرت من رقبته من اليسار الى اليمين .أراد اطبائه ان نتأكد اذا كانت الشرايين السباتية اللي تصعد للدماغ والوجه مضروبة ام لا ....سألته كيف انضرب .قال لي المرافق له :كان طالع من الجامع و مرت سيارة كيا و رموا عليه رصاص وراحوا .الى هنا يجب ان اسكت .... الاحسن ما أسأل ليش ضربوه .لو كان مثلا شرطي او حرس وطني و أنا قلت له : الله يكون بعونكم ...ممكن يطلع هوة بالعكس واحد من المسلحين الانواع واشكال اللي مالين البلد ، و أروح أنا بيها .
حصل مرة ان اثنين أجو على انهم من الشرطة المصابين وتعالجوا وطلعوا من المستشفى و بعدين اجت الشرطة تسأل عنهم و قالوا انهم ارهابيين ومطلوبين ...فما كان من زميلتي التي فحصتهم الا ان قالت : (الحمد لله أنا لما فحصته ما قلت اي شي عن أي شي) ... ممكن الواحد ينقتل على كلمة


وبعد هذا المريض ،في نفس اليوم،جابوا مريض ثاني مضروب باطلاقة في رقبته كان معه طبيب فسألته عن مدخل ومخرج الاطلاقة حتى ما أجي احط السونر عيهم مباشرة،فاخبرني انها دخلت من خلف رقبته و طلعت من فمه و في طريقها عملت تمزق شديد في اللسان و كسرت اربعة أسنان مع الفك اللي يحملهم واللثة


و قبل رمضان رحت أزور صديقتي التي ستسافر وارادت توديعي و عزمتني في بيتها وانا قلت لها اني أخاف اروح لمنطقتكم و راح امر عليكي في المستشفى .كنت أعمل في تلك المستشفى و متعودة على طريقها لكن لما وصلت كان الطريق مقطوع لوجود مركز شرطة في نفس الشارع و قد حصل انفجار فيه قبل عدة اشهر ... كانت المسافة قصيرة كي أصل فقررت ان انزل من السيارة و أعبر الحاجز مشي .بعد خطوتين اكتشفت اني اخذت قرار سخيف .. لكن السيارة كانت راحت ...

الارض التي مشيت عليها كانت كلها مغطاة بشظايا الانفجار السابق، كلها قطع حديد لم يتم رفعها او تنظيف الشارع. كنت افكر ان انا في مرمى الشظايا هذه . الشارع فارغ تماما الا من سيارات الشرطة اللي تطلع من المركز و أنا شكلي غريب و أنا شايلة الهدية و ماشية فوق الشظايا

الطريق القصير بدا لي طويل جدا.

و لما وصلت المستشفى كان هناك قطرات دماء على ارض المدخل ...أقنعت نفسي انها قديمة وجافة لكن صديقتي قالت لي فيما بعد انها جديدة لانهم ضربوا وزارة الداخلية بالهاونات في ذلك اليوم وتم نقل الجرحى هنا

أما الشيء التحفة الآخر هو ان رئيسة القسم قالت لي لما رحت أسلم عليها :تشوفين زياد ؟
قلت لها : ليش هوة هنا ؟ أنا اعرف انه بالعناية المركزة ؟
قالت :لا جابوه هنا لان عنده قرحة فراش ..
يا ويلي وين أروح ؟ زياد هذا كان معي طوال اربع سنين في البورد و بعدين تعينّا في هذه المستشفى و اشتغلنا تقريبا سنة وبعدين انا انتقلت .... في شهر تموز الماضي انضرب طلقتين عندما كان في عيادته في منطقة الحارثية ....سكرتير العيادة انقتل و زياد مرت احدى الطلقات عبر الكبد والطحال والثانية في عموده الفقري ... شلّت نصفه السفلي .
أنا كنت لا اريد ان ازوره و لا ان اراه في هذا الحال ، تهربت من ذلك طويلا ...

لم اكن اتمنى ان اراه هكذا .....

كل الاطباء زاروه و الكثير منا كان يتوقع ان لا يعيش لانه مر بمضاعفات كثيرة من التهاب السحايا و فقدان الوعي الى عجز الكلى و غسل الكلى و طبعا مر كم مرة في العناية المركزة RCU

لكنه صمد رغم كل هذا ....

لم أجد مفر ... ذهبت ..

وكان هاديء و وجهه شاحب و يبدو كأنه كبر عدة سنين،

،وزنه أقل و شعره أخف ... لكن اللي كانوا معي قالوا انه متحسن كثيرا لانه الآن يستطيع ان يتنفس و يتكلم بسهولة اكثر من قبل و معنوياته احسن من قبل ...
-سمعت ان اللي كان مستهدف هو سكرتير العيادة وليس زياد و ان احدا ما قد ارسل له اعتذار عن هذا الخطأ -ناس طيبين أوي

لكل هذه الاسباب كنت أقول اني أكره الاسلحة جدا ....جدا
* * * *

شكرا" لألن باري لانه سمح لي باستخدام هذه الصورة من مجموعته على

flickr




15 Comments:

At November 08, 2005 8:55 pm, Blogger 4thH said...

يا الله ..
حياه لا تطاق .. ان تتلفت حولك بسبب كل صوت
لمستيني جدا ..

...
حلو قوي قوي قوي قوي .. هذا هو التدوين و الا بلاش ...

..
ارجوك اكتبي اكتر عن معاناة الشارغ .. اكتبي عن ما تشعلاين به دائما و لا تترددي على الاطلاق

..

 
At November 08, 2005 11:04 pm, Blogger Sndibaad said...

سلام تاره

بصراحه صارلي فتره ما قاري هيج موضوع موثر!!

كاني دا اعيش الموقف لحظه بلحظه وكاني اسمع صوت الشظايا وانت تمشين عليها
واصبحت اتخيل صوره زياد لا تفارق مخيلتي لسان حاله واذا المؤدة سئلت باي ذنب قتلت ؟؟

 
At November 09, 2005 4:46 pm, Blogger Najma said...

كلنا هاكذ.. بس يظل لازم الواحد يحكي للعالم حتى يرتاح، نوعا ما..!!!

هالأيام، لازم الواحد يعمل رقعة (الحمد لله على السلامة) و يعلقها على باب البيت.. كل اليوم، بس الرجعة للبيت معجزة!!

عجبتني "وأكنسل فكرة شراء الكتاب اليوم".. ذكرتني بمصطلحات أختي: (أتوّر) و (ديّد)
Tour and died :))

 
At November 09, 2005 5:30 pm, Blogger Khalid said...

walla ya tara as you told me once before, whenever i miss baghdad terribly i remember all the things you are talking about, and the police and national guard and traffic jam and concrete blocks, and that usually does the job.
alla yi7meekom inshalla.
on another note, what is terribe about dying anyways?
tell me tara, do you think its terrible to die?
i mean arent you curious to see all the things in the after life, to talk to God, to see innabi 3alayhi i99alat o issalam? il janna? etc..
well this is what i tell myself when i am facing a life threatening situation, it helps you relax and then think better:)

have you checked stealinglife.blogspot.com? our mestreious friend blogged again!
:)
khalid*

ps: turn on the word varification from the comment settings in your blogger account to stop getting spam comments.

 
At November 09, 2005 9:45 pm, Blogger Alexandra said...

عشت تجربة الحرب كطفلة في بيروت وقد تستغربي أني لا أذكر منها شيء نهائيا الا مشهدين. في العيد الماضي في الأسكندرية كان منظر المسدسات والبنادق اللعبة في أيدي الأطفال مزعج جدا لي

 
At November 10, 2005 3:27 pm, Blogger Ahmed Shokeir said...

تارا
مشاهد حكيتيها بواقعية جدا .. الواحد فعلا شعر كأنه موجود معاكو هناك .. أسوا إحساس فى الوجود شعور الخوف من المجهول

اللى فعلا هايجنني فى العراق إزاي الشعب عمال يقتل فى بعضه .. جميع الدول اللتى تم إستعمارها على مدار العصور كانت مقاومة أهاليها متحدة وموجهة ضد الإحتلال

 
At November 10, 2005 8:09 pm, Blogger Alan said...

no more silnce,no more war,,no more tears, no mor mothers cray...

thanks.
alan.i.pary

 
At November 10, 2005 8:55 pm, Blogger Eve said...

كنت طفلة عندما كانت كلّ هذه الأشياء تحدث عندنا. كان الكبار يخافون، ونحن نحسبها لعبة كالغمّيضة، أو فرصة للتّغيّب عن المدرسة.
لكن اليوم صرنا كباراً بدورنا، وتعلّمنا الخوف. الخوف مرض من أبشع الأمراض.. عسى موجته تنحسر عن العراق، وعن "العراقات" الأخرى في العالم.

 
At November 10, 2005 9:45 pm, Blogger Shurouq said...

تارا حبيبتي
البارحة انفجارات عمان
واليوم طريتي على بالي لما سمعت أخبار الانفجار الأخير ببغداد
أتمنى تكونين بخير.. انت وكل أهلك وأحبابك

طمنينا :*

 
At November 11, 2005 9:18 am, Blogger Tara said...

هيثم
كنت حاسة ان هذه حتعجبك لان تدوبنة الطاسة اعجبتك
ان شاء الله حاكتب لما يكون عندي مزاج انكد على الناس اما في الاحوال الاعتيادية فأقول لنفسي سيقولوا اني اكرر الكلام ...انفجارات انفجارات ...حسنا مللنا

sndibad
هناك الالاف مثل زياد
الجرحى هم الاتعس حظا
لا هم عايشين طبيعي مع العايشين ولا ميتين مع الميتين
بعضهم يقطع الطريق الى الموت ببطأ شديد

nerro
سلامتك من الوجع و سلامة كل الناس

Khalid
الطريقة اللي قلت لك اياها مجربة
كان واحد من اصحاب ابي يقول انه كلما يذبحه الشوق لبغداد يروح للسفارة العراقية
يشوف المخابرات والموظفين والتعقيدات فيحمد ربه
و بعد اسبوعين يرجع يشتاق و يرجع يروح للسفارة و يستأنف غربته

أما عن الموت
الموت ليس المشكلة،بما ان الواحد حيروح عند الله
و من احب لقاء الله احب الله لقاءه
بس المشكلة هي اني ما أريد اموت في الشارع
اريد اكون ساعتها في بيتنا و يفضل ان يكون عندي اولاد واحفاد
و بعدين انا لا اريد ان افجع اهلي لاني ابنتهم الوحيدة و انا اللي مسوية حس بالبيت

setting شكرا على النصيحةبخصوص تعديل ال

alexandra
لاحظت نفس الشي بالعيد هنا
كل الاولاد ماسكين بنادق و يلعبوا لعبة الحرب
و هكذا كان الامر لما كان اخي صغير
كل رسوماته دبابات ومدافع
الى ان الله رحمنا وانتقل الى رسم غريندايزر

ahmed shokier
ليس الشعب
هناك ارهاب
يضرب اي شي على فرض انه سيؤذي امريكا واسرائيل
يضرب المدنيين والشرطة والحرس الوطني
اي شيء ماعدا امريكا واسرائيل
و اعتقد والله اعلم هناك مقاومة ايضا
لكنهم مخلوطين مع بعضهم
و الى ان ينفصلوا يبقى دم العراقيين ينزف كل يوم

alan
Yes,this is our hope & dream.

eve
لا اعرف يا ايف بس انا من صغري كنت اخاف من صوت صفارات الانذار وفي
اول حرب ايران نزل وزني 5 كيلوات لاني بطلت آكل
وبعدين في ايام المتوسطة صرت استمتع بالغياب عن المدرسة مثل ما قلتِ

shurouk
انا بخير الحمد لله
البارحة اعلنوا عن انفجار واحد، بس الحقيقة كان اكو اربع انفجارات على الاقل
يمكن مو سيارات لكن عبوات ناسفة
جابوا لنا جرحى بالمستشفى
و انا في طريقي للبيت سمعت صوت انفجار جديد
ما صدقت ادخل لبيتنا
و خابرت امي احاول استعجلها ترجع لكنها قالت انها ستبقى في شغلها
و لما رجعت قالت ان هناك انفجار قريب من جامعتهم
كانت مرعوبة لانها قالت ان عمرها ما شافت دخان بهذا القرب
و اخي انرعب لانه مر من نفس الطريق في الصباح وهو طريقه كل يوم
يا رب اجعلها بردا وسلاما

 
At November 11, 2005 9:48 am, Blogger Tara said...

aunt najma
تعالي طب انتي بس و احنا نعطيكِ كل القاموس

 
At November 12, 2005 3:05 am, Blogger ربيع said...

و الله موش عارف اقولك ايه يا تارا ، المصيبة أن مافيش حاجة بأيدي أعملها
ربنا يكون في عونك

 
At November 12, 2005 8:46 am, Blogger Tara said...

شكرا ياربيع
ربنا يكون بعون الجميع

 
At November 20, 2005 3:19 am, Blogger sydalany-وش مكرمش said...

تدوينة روعة
و إختيار الصورة أكتر من رائع

و يبدو كده و الله أعلم إنك من نفس الكاتيجوري بتاعي
إستشفيت كده من كلامك عن الهورمونات
سؤال:طب ولا صيدلةولا أسنان ولا إيه؟

 
At November 20, 2005 8:28 am, Blogger Tara said...

radiology طبيبة
MRIو CT سونر و أشعة و

CT بس اكثر شي اشتغله سونر و
اهلا بيك يا صيدلي

 

Post a Comment

<< Home

Free Web Site Counters
Free Web Site Counters