
مراهقتي كانت مملة جدا .. لكني عملت شيئين خلالها يخلوني ابتسم اليوم لما اتذكرهم !
أيامها كتبت لحكمت وهبي (اميغو ) اللي كان عنده برنامج (مستمع و مذيع ) كل خميس على اذاعة مونتي كارلو ..
كان المستمع يختار كل محتويات الحلقة من أغاني و كلمات قصيرة و ايضا يكتب معلومات عامة عن مدينته.
كانت تلك اول سنة عودتنا للبصرة بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية مباشرة
كتبت رسالتي في الصيف و انتظرت حتى يأست من ان يذيعها
لكن في ليلة شتوية و في عز امتحانات نص السنة و في عز الكآبة خابرتني صديقتي و قالت لي :افتحي الراديو ،اعتقد رسالتك اليوم بس الصوت مشوّش و ما ينفهم شي ، سمعته يحكي عن البصرة !
فتحت الراديو، و كانت الحلقة في نهايتها لكن تأكدت يا دوب من موسيقى الاغنيات لانها كانت من اختياري ....
و ثاني شي ، من تلك الايام ،عن غادة السمان : كاتبتي المفضلة .لم احب رواياتها ولا قصصها بصراحة ،لكن كنت احب الشعر و المقالات و اكثر شي المقابلات التي جمعتها في كتب (القبيلة تستجوب القتيلة ) و (تسكع داخل جرح ).
كنت معجبة جدا باختيارها للكلمات و بافكارها و ايامها كتبت لها رسائل و استلمت منها ردود و فرحتي لم تكن توصف باستلام تلك الكروت و الكلمات التي عليها ،الموجهة لي أنا .. وحدي ! ..
طبعا ما أزال احتفظ بهم و افرح لما أشوفهم .
هذه من الاشياء اللي احبها لغادة :
هذا ليس زمنك ،
ايها المرهف شفافية و عذوبة
هذا زمن اعدام العصافير و الاطفال و الفراشات و النجوم ..
و أنت تدفق الحنان صوب كائنات الله كلها ..
هذا ليس زمنك ،
لكنني اشهد عكس الريح ،
على ان حبك وحده سيبقى ،
و أزهارك الربيعية آتية من ميتاتنا العديدة
لتنمو فوق القبور المنبوشة
و أشلاء المخطوفين
و شفاه شققها الآنين ...
و سأظل أحبك عكس الريح
ريثما يطلق الموت سراحي
غادة السمان
26/ 8 / 1986
اشهد إن زمنك سيأتي