Monday, July 31, 2006

موسم الهجرة الى سوريا


ما اعتقد اكو عراقي ما راح لسوريا خلال هذا الصيف!
هذه مقتطفات من رسالة امرأة عراقية الى صديقاتها عن معيشتها هناك( و اللي بين الاقواس هو كلامي أنا و اللي باللون الابيض مقاطع من قصيدة مكتوبة في التسعينات عندما بدأت هجرة العراقيين)

*الكهرباء لا تنقطع عندهم نهائيا ولو تعرفون كيف هذه الشغلة مريحة جدا.(ولاكأن هذا هو الوضع الطبيعي اساسا في كل الكرة الارضية !)

*هذه المنطقة مثل الكرَادة داخل ايام زمان ،اقصد ايام العز ، ففيه كل شي من محلات الملابس الى المطاعم ومحلات حلويات واسواق وغيرها وتبقى كلها مفتوحة اربعة وعشرين ساعة (كل شي لازم يذكرنا ببغداد)

سأقول بأنهم اذ يطوفون كل الازقة بحثا
زقاقا زقاق
لم تفارقهم شرفات الرشيد
و لا شكل باب المعظم
لن يجدوا مثل ذاك الهواء هواء
و لا مثل مائك دجلة ماء
له نفس هذا المذاق
طائلا ما يطول الفراق ..


* الناس طيبون جدا ويرحبون بالعراقيين كلش هواية والاكل كلش رخيص.

و بعد كم سطر بس ترجع المسكينة و تتذكر المعجزة :
*والعيشة مريحة لا يوجد طفي كهرباء ،قبل ثلاث ايام صرت عصبية لان الكهرباء انطفت ربع ساعة للتصليح طبعا دائما اتذكركم بهذه الشغلة واتذكر المأساة اللي كنا نعيشها في انتظار مجىء الكهرباء.

* المهم مكانكم خالي و نتذكركم بكل شغلة حلوة نسويها و نشوفها
* فأنا لم ازر السيدة زينب لحد الان في انتظار مجيئكم.
* اشعر ان كل عراقي يحتاج الى استراحة ولو شهر بالسنة من الشغلات التي تصير داخل العراق
* صدقيني الحياة هنا حلوة و غريبة و ارخص من الشمال بكثير و الاسعار هنا نفس اسعار بغداد او ارخص بقليل و انا انتظركم و لا اذهب الى اي مكان في انتظار مجيئكم.
* الناس هنا تبقى سهرانة الى اوقات متاخرة من الليل و الاسواق عامرة و الاضوية و الانارة في الشوارع على اوجها و نستطيع ركوب تكسي في ساعة متاخرة من الليل و لوحدنا و لا حذر من ذلك.

* لا اعرف على وجه التحديد ان كنت ساعود للعراق ام لا ، في بعض الاحيان ينتابني شعور بان اعود و ابقى و اللي يصير يصير ، لكن عندما اسمع اخبار الفضائيات و الانفجارات خاصة الست انفجارات يوم الخميس في الكرّادة اعدل عن رأيي و اقرر البقاء .
· و يعني ايضا اننا سنصرف النقود التي ادخرناها و لا وارد لدينا لان الحصول على عمل في سوريا صعب جدا جدا كما هو صعب في الاردن و الامارات. المهم انا حيرانة من هذه الشغلة كثيرا و لا اعرف كيف اتصرف.

ايها الحائرون باولادكم
أين تمضون عنهم
و اين بهم تذهبون
ايها الموجوعون
يا شريدي منازلكم
يا مقطعة كل ارسائهم
و مهدلة كل اغصانهم
يا غريبون حد الهوان
يا مقيمون في لا مكان
لكم زاخرات دموعي
و دامي ضلوعي



* لا زلت اعاني من الحالات النفسية التي ترسبت عندنا من مشاكل العراق و العراقيين . قبل اكثر من اسبوع ذهبنا الى مدينة الالعاب و عندما عدنا ركبنا تكسي الساعة الواحدة ليلا تقريبا و في طريق العودة اتخذ السائق طريقا غير مالوف للتخلص من الازدحام الموجود في الشوارع المأهولة بالسكان و عندها فزع زوجي و طلب من السائق ان يعود من هذا الطريق و يسلك الطريق المألوف فقال له السائق هذه الطريق اعتيادية لماذا انت خائف؟ لكنه اصر ان يعود السائق عن هذا الطريق. فقال له السائق: لماذا انت خائف نحن لسنا في العراق و لن اسلبك كما يحدث هناك لكن زوجي اصر اصرارا على ان يعود السائق الى الشارع الرئيسي و ان لا يسلك الطريق فظل السائق يضحك و عاد الى الطريق العام المأهول بالسكان و السيارات وهو يؤكد انه لا داعي للخوف فلا يوجد في سوريا اي شغلة من الشغلات التي تحدث في العراق و ظل السائق ظل مستغربا طول الطريق وهو يحاول ان يهدئ زوجي لانه صار عصبي جدا .

*احس انني لا زلت اعاني من المشاكل النفسية و الخوف الذي ينتابني جراء ما تعرضت له في العراق و لا اعتقد ان مدة ايام قليلة في سوريا تستطيع ان تمحي ما عانينا وما ترسخ في داخلنا من خوف من الناس و الظروف فما زلت اتوجس خيفة من الناس و اظن السوء بكل تصرف يجري حولنا و لكننا مع مرور الايام بدأت اشعر ان الناس من حولنا في سوريا مرتاحين و ليس لديهم الاحقاد و الشر الذي كنت احسها في ناس بغداد .
(اوجعتني هذه الكلمة جدا .. احقاد و شر ؟ احنا ؟ لكن اخي قال لي كلامها صحيح ،طبعا الناس بالعراق اعصابهم تعبانة و لا احد يتحمل احد )

* والناس هنا لا دخل لاي احد بالاخر فكل يمشي على هواه ولا احد يتدخل في امور الاخرين و البنات يتمشون في الشوارع غير محجبات الى ساعات متاخرة من الليل ولا احد ينظر اليهم اويتحارش بيهم.


*ذهبت الى سوق الخضروات و رأيت العجب ، فالباذنجان عندهم اما صغير جدا للمحشي و الدولمة او كبير جدا جدا لعمل البابا غنوج
* الخيار و الطماطة طازجة بشكل غير معقول !
* وليس لديهم دجاج او افخاذ امريكية لديهم فقط الدجاج السوري الذي يذبحوه مباشرة.
* ولديهم انواع غريبة عجيبة من الزعتر تقريبا عشرة انواع !
* يبيعون النعناع الذي يباع عندنا كخضرة بالعيدان مقطع و بالكيلوات لا اعرف ماذا يفعلون فيه اعتقد انهم ييبسونه و يضعوه في الشاي و في اكلاتهم.
* والفلافل لديهم لذيذة و كبيرة جدا.


* سلامي للجميع و ارجو ان تبلغيهم باني مشتاقة لهم جدا جدا جدا و مشتاقة لكعداتنا و ريوكاتنا في الجامعة التي اتمنى ان نعيدها اذا اتيتم الى سوريا.

و أوقد في كل ليل شموعي
لأبكي بليل العراق
على وطن كل شمل به
موغل في الفراق . . .


عبير هذه كانت هي لولب مجموعتنا و هي اللي تجمعنا و تخابرنا واحد واحد و تلح علينا للذهاب عندها في نهاية الاسبوع و ما كانت تقبل بأي عذر حتى لو قلنا لها :(لكن المفخخات كانت كثيرة خلال الاسبوع اللي فات و مو مال طلعة اليوم ) و حتى لو ما كان اخي يقبل ياخذني كانت تجي توصلني لبيتها وترجع ترجعني .كانت ترتب لنا السفرات للشمال قبل الحرب في الصيف و الى المناطق القريبة من بغداد في الشتاء مثل منطقة البغدادي و الصدور.
في مرة من المرات بعد رجوعنا منها و بمجرد دخولنا للبيت أنا و اخي بدأ رمي الرصاص فقال لي ابي :مو قلت لكم الوضع خطر و ماكو داعي للطلعة ؟
قلت له :بس احنا ما نتحمل الحبسة بالبيت.
- انا همين ما اتحمل بس ابقى كاعد .

الذهاب عندها و تجمعنا و مقدرتنا على الضحك رغم كل شيء (و رغم انني في كل مرة اعتقد اننا لن نستطيع ان نضحك )،كل هذا كان يغسل روحي و يجعلني اكثر قدرة على البدء باسبوع جديد.

عبير رموا منشورات في منطقتهم لتهجيرهم (ضمن مخطط تقسيم المناطق و تقسيم العراق كله) و سافرت الى سوريا في فجر اليوم التالي مباشرة دون ان يتسنى لي توديعها او حتى اعطاءها مروحتها اليدوية اللي نستها ببيتنا و لا حتى اعطاء ابنتها الصغيرة هدية شفاءها.


عبير،

بمغادرتك انت ستبدأ الكآبة الحقيقية

(تحديث:آخر شي وصل من عبير :

"الكهرباء انطفت هذا اليوم الاثنين و السوريين بالشارع يضحكون و يقولون دايسوولنا بروفة على الحرب و ما يدرون اخرتها مو زينة و درب الحروب اللي اضطرينا نمشي بيه نهايته مو زينة و كرّهنا حتى بوطنيتنا وصرنا نريد الكهرباء اكثر من الوطن ، المهم انا قلت لأبو عمار : اذا راح يبدأ طفي الكهرباء بسوريا نرجع للعراق احسن على الاقل عدنا مولدة : )"

هو الغلط بينا احنا ؟وين ما نروح تبدي اجواء الحرب ؟ يارب خلي لنا سوريا لانها الباب الوحيد المفتوح بوجوهنا )

لبيروت


لبيروت .. من قلبي .. مو بس سلام ..بل دموع و قلق كل يوم و دعاء بأن ينتهي كل هذا الكابوس .
مشاهد اليوم : جثث الاطفال الذين يبدون كأنهم نائمين (ولا اريد ان افكر سوى انهم نائمين) كانت فوق التحمل ، خصوصا لما ننتظر ان يتوقف اطلاق النار و ليس جريمة من هذا النوع البشع.

Free Web Site Counters
Free Web Site Counters