Tara: March 2005

Thursday, March 31, 2005

شمعتي

اشتريت شمعة !
ريحتها حلوة ..مابين رائحة الشوكولاته والقهوة ،

ثلثها الاسفل عبارة عن حبات قهوة غير مطحونة..
من يومها و انا حاطتها قرب سريري ، اشعلها واقعد اقرا وكل شوية آخذها واشمها كما لو كانت وردة ..
هناك أشياء صغيرة تخلي الحياة تصير أحلى قليلا..

اسبوع في حياتي

يوم الاثنين :الشغل كان عادي

يوم الثلاثاء : استيقظت على أصوات رصاص وأصوات منبهات متكررة لسيارات عديدة ..الظاهر ان التقاطع الذي بقرب بيتنا غارق في الفوضى والاختناق المروري ..هذا التقاطع يفصل بين مناطق كبيرة : الوزيرية والقاهرة والراشدية وساحة عنتر وشارع فلسطين وايضا الدخول والخروج الى طريق (محمد القاسم )السريع ..
كلما صار انسداد مستعصي لجأ رجال الحرس الوطني الى اطلاق عيارات نارية في الهواء لحل الامور !
ودائما اسأل (طلقة طائشة اخرى ، يا ترى وقعت على رأس من ؟)
بقيت محتارة :راح أقدر اطلع واروح لعملي ؟
بعد ساعة كان الازدحام قد تفرع من التقاطع الى حد الشوارع الفرعية ووصل الى باب بيتنا ..
رجعت للبيت .

يوم الاربعاء : يوم لا أذهب فيه للعمل عادة ،لكن كنت اريد الذهاب ،لدي افلام المرضى لم استلمها يوم الاثنين لعطل جهاز تحميض الافلام ..هناك مرضى مستعجلين على افلامهم وهناك مريضة آتية من الشمال ارادت فيلمها وتقريرها يوم الاثنين ووعدتها ان اكمله لها يوم الثلاثاء ....و ...طبعا ....
اتصلت بالمستشفى لاتأكد ما اذا كان جهاز التحميض قد تم اصلاحه كي اذهب لاستلام الاشعات ...قالوا لي ان تليفون السي تي سكان (عندما اكتب شيء بالعربي وسط الكلام تتلخبط الاسطر ..سأكتب كل شيء بالعربي الى ان اتعلم )
المهم ، أهلي حاولوا ان يخرجوا من البيت لكن رجعوا ...
امي بقيت في مأزق طوال النهار ،لديها محاضرة .اتصلت بأحد الاساتذة فقال لها ان الطلاب لم يحضروا ..حسنا ،المحاضرة راحت ، لكن بعد قليل اتصلوا بها وقالوا ان رئيس قسمهم عمل اجتماع لمجلس القسم ...بقيت محتارة جدا ،كل شوية يصعدوا لسطح البيت يشوفوا اذا كانت الشوارع سالكة ام لا ...باختصار نحن محبوسين في بيتنا .
السيارات صارت تمر في شارعنا والشوارع الفرعية الاخرى المجاورة لان التقاطع ،حسب ما فهمت ،مغلق تماما"،كل شوية شاحنات عالية جدا تمر ..وطبعا أسلاك التليفون وأسلاك المولدات الكهربائية واطئة ..يقف أولاد الجيران ينادوا كل سائق ان يقف فيصعدوا فوق شاحنته ومعهم (مكنسة )يرفعوا الاسلاك الى ان يمر ثم ينزلوا منها ...مع كل شاحنة يتكرر الامر ...رأيت كمية كبيرة جدا من الشاحنات المتنوعة هذا اليوم حتى ان احداها كانت تغلق المنظر كله أمامي عندما نظرت لها من شباك مطبخنا ..
لقد اغلقوا الكثير من الشوارع والجسور بين الكرخ والرصافة اعتبارا من يوم الثلاثاء بسبب اجتماع الجمعية الوطنية وزيارة اربعين الامام الحسين (ع ).المدارس والجامعات متوقفة من يومها ..وأعتقد ان كل شيء متوقف

يوم الخميس :أعلنوها عطلة رسمية ..عطلة مفاجئة .لا أعرف اين صرتِ يا مريضتي ..أنا ما وفيت بوعدي و ما جبت لك الافلام في الموعد ..بس غصبن عني والله ...

كنت معه..

صباح اليوم كنت أضع بطانياتي في دولاب لخزن الاشياء في بيتنا ....رتبت البطانيات الاخرى في الرف الوسطي ولمحته في الرف الاسفل...سحبته وأخذته بيديّ ...(تيدي بير ) ابن اخي ....سافروا منذ ثلاث سنوات ...كان يحبه وبالاحرى ،أخي ايضا كان يحب هذا التيدي بير ولم تتسع حقائبهم لاخذه فأوصونا به خيرا" حاله حال النباتات التي تركوها ....
حجمه كبير جدا ،نظرت له ،وضعت وجهه امام وجهي ..كلب ، لونه ابيض وبيج ،عيناه عسليتان متقنتا الصنع كأنه ينظر نظرة حنونة تقول احضنيني واذناه متدليتان وقماشه قطيفة ناعمة ،لم استغرق طويلا وضعت رأسي على كتفه واحتضنته بشدة وغرقت في الملمس الناعم...

Saturday, March 26, 2005

مالذي يحصل ؟

ماذا أحكي في هذا البلوج ؟

أحكي عن حياتي اليومية ؟

حسنا ،
أنا عراقية ،اسكن في بغداد ،أعمل طبيبة ،أذهب الى عملي في طرقات تشهد انفجارات في معظم أيام الاسبوع ..آخر شي كان الاسبوع اللي فات ،كنا قد وصلنا تقريبا الى المستشفى عندما دوى صوت انفجار قريب جدا ...
كل ما فعلته اني صرخت ووضعت يداي على اذني والتفت الى الوراء ...رأيت دخان يتصاعد ...بدا كأنه من بناية وزارة الصحة التي تجاوزناها بعدة امتار ...كنا واقفين في الازدحام الناتج عن نقطة التفتيش التي في مدخل مستشفانا ،فلم يكن بيدنا حيلة ،نحن عالقين وسط السيارات الاخرى ننتظر دورنا للدخول.
السيارة التي الى يميني كان فيها بنتين ،شكلهم طالبات في الكلية ، وأبوهم يقود السيارة ،كانوا يضعون يديهم على اذنهم ايضا عندما لمحتهم اول مرة ..اطمنت قليلا لما شفتهم ..لست وحدي الخائفة هنا ......
بعد الظهر عدت للبيت ،كل مرة اذهب الى ابي لاسلم عليه وفي هذا اليوم طلع لي هو ، وقال لي ( الحمد لله ع السلامة ).
أنا كنت قد نسيت الانفجار بعد ان وصلت لعملي ...المرضى والفحوصات وكتابة التقارير وضغط الوقت كي نكمل كل الموجودين قبل موعد انتهاء العمل ...بقيت ساكتة قليلا الى ان تذكرت انه يقصد انفجار الصباح ...قال لي :تصورت انك راح تجين منفعلة وتحكين وتوصفين .
قلت له :عادي ،بس الصوت كان أقرب من كل مرة .
قال ان السائق رجع لي مخبوص وقال ان السيارة انشالت من مكانها ورجعت وقعد يوصف لي ساعة ....
لاأعرف اذا كنا نستهين بالموت أم ماذا ....
لا أعرف اذا كنت مجانين كي نستمر في حياتنا رغم كل ما يحصل لنا ......
على الاقل أنا أصرخ لحظة سماعي للصوت (اذا كان قريب جدا )،لكن الناس الاخرين يذهلونني...
قبل اسبوعين بالضبط كنا في مطعم عائم على نهر دجلة (منطقة الكريعات )،كنا ما نزال ننتظر الغذاء عندما وقعت تفريبا ستة قذائف هاون على القصر المقابل لنا في الضفة الاخرى ...كان امامنا مباشرة تصاعد الدخان ...
كل هذا عادي فقصور الامس تعتبر اليوم قواعد عسكرية امريكية ،لكن ما لم استوعبه انه ولا عائلة ولا امرأة او طفل من اللي كانوا معنا في المطعم غادروا المكان ..الكل بقي جالس يتغدى أو ينتظر طلبه ..
أنا طبعا اعتبرته جنون ...قلت لاصحابي :امشوا نرجع لبيوتنا ،انتو من كل عقلكم بعدكم قاعدين ؟
قالوا :تريدينا نرجع بدون غدا ؟؟!!! ابدا"..اقعدي اقعدي ،الضرب خلص .
و كأنهم يعرفوا متى يخلص الضرب !
رجعت قعدت ...لكن بعد ربع ساعة ،انضربت قذيفة اخرى ...و كالعادة ...الناس كأن شيئا لم يكن .

مالذي يحصل لنا ؟
مالذي يحصل للناس ؟
في عيد نوروز قررت نفس شلة الاصحاب هذه السفر الى كردستان وقضاء عطلة هذا العيد هناك (21-3-2005 )لم اذهب معهم ...شعرت ان حسهم بالخطر غير مضبوط ..مع اني رحت معهم السنة الماضية لكن هذه المرة شعرت انهم يجازفون اكثر من اللازم ...ربما لانهم جميعا مهندسين ومهندسات (زملاء أخي ) وانا الوحيدة الطبيبة بينهم ..أنا التي ارى الناس المصابين باطلاقات نارية ...اقف امامهم محتارة ،محاولة ان أجد مكان لاضع السونر كي ارى شيء ..كل بطنهم تكون مغطاة ببلاستر واماكن الصوندات (الانابيب )ومكان جرح العملية ومدخل الاطلاقات ..تكون خريطة محزنة ...
وكل مريض اسأله كيف اصبت ؟
اريد ان اعرف كي اتجنب الاصابة أنا الاخرى ،لكن اكتشفت ان لا شيء مستئنى ،اينما تكون ممكن ان تصاب ....ربنا يحفظنا ....